الثلاثاء، 26 أكتوبر 2010

ماذا يعني مصطلح الأمير على عليه السلام في فلسفة عشق الزهراء الالهي ـ الحلقة الثانية- الشيخ محمد حسني البيومي الهاشمي


ماذا يعني مصطلح الأمير على عليه السلام

في فلسفة عشق الزهراء الالهي ـ الحلقة الثانية


***********

الحلقة الثانية

***********

علي سيد العرب سيد العشق الالهي :

حدثنا عبد الله بن محمد بن أحمد بن محمود الفقيه – أبو محمد السماك، حدثنا أحمد بن خالد الحروري ، حدثنا محمد بن حميد ، حدثنا يعقوب – يعني ابن عبد الله الأشعري – عن جعفر عن سلمة بن كهيل قال :

مر علي ابن أبي طالب على النبي صلى الله عليه وآله الطاهرين وعنده عائشة ، فقال لها :

إذا سرك أن تنظري إلى سيد العرب فانظري إلى علي ” بن أبي طالب

فقالت :

يا نبي الله ألست سيد العرب ؟ فقال : أنا إمام المسلمين وسيد المتقين ، إذا سرك أن تنظري إلى سيد العرب فانظري إلى علي بن أبى طالب “(2(

وفي رواية أخرى .. عن سعيد بن جبير عن عائشة رضـي الله عنها قالت : (كنت قاعدة مع النبي صلى الله عليه وآله الطاهرين إذ أقبل علي _ فقال النبي صلى الله عليه وآله الطاهرين :

يا عائشة هذا سيد العرب ، قالت : فقلت يا رسول الله، ألست سيد العرب ؟ قال أنا سيد ولد آدم وهذا سيد العرب” .

(1) ابن عساكر : تاريخ دمشق ج 42 / 270 = نفس المرجع ج 42 / 291 = حلية الأولياء ، رواه سلام الجعفي عن أبي برزة = ينابيع المودة ج2/ 138

(2) مستدرك الحاكم ج3/ 133 حديث رقم 4625 = الخطيب البغدادي : تاريخ بغداد ج 11 / ص 90-91 حديث رقم 5776 = حلية الأولياء ج 1/ 102 حديث رقم 191 = سير أعلام النبلاء (ترجمة علي u ص 237

وعن عائشة رضـي الله عنها قالت : أقبل علي بن أبي طالب يوماً ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله الطاهرين :

هذا سيد المسلمين ” فقلت ألست سيد المسلمين يا رسول الله ؟ فقال

أنا خاتم النبيين ورسول رب العالمين” (1(

وعن أبي سعيد الخدري قال : قال رجل يا رسول الله : أنت سيد العرب ؟ قال: لا، أنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب ، وانه لأول من ينفض الغبار عن رأسه علي ” (2) وورد أيضا ( أن عائشة نظرت إلى النبي صلى الله عليه وآله الطاهرين فقالت : يا سيد العرب ، فقال:

أنا سيد ولد آدم وأبوك سيد كهول أهل العرب ، وعلي سيد شباب أهل العرب” (3)

عن معاوية بن ثعلبة ، عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله الطاهرين لعلي بن أبي طالب : ” من أطاعني فقد أطاع الله ومن أطاعك أطاعني ، ومن عصاني فقد عصى الله ، ومن عصاك فقد عصاني

، وفي الحديث الذي رواه بن براد : قال صلى الله عليه وآله الطاهرين :

يا علي من فارقني فقد فارق الله ومن فارقك فقد فارقني

وعن أبي الزبير عن جابر قال رسول الله صلى الله عليه وآله الطاهرين :

حق علي بن أبي طالب على هذه الأمة كحق الوالد على ولده” (4(

وفي ضوء هذه المعطيات الروحية والنورانية فقد جُعل علي عليه السلام وريثاً للنبوة وجعله الحجة على الأمة بعد نبيها والشاهد على حركتها ونهوضها .. وللتعبير عن هذا المقام الروحي الرفيع للإمام … فقد روي عن عطاء بن ميمون : عن أنس قال: قال النبي صلى الله عليه وآله الطاهرين :

أنا وعلي حجة الله على عباده ” (5(

(1) تاريخ دمشق ج42 / 305 رقم 8843 (2)

المرجع السابق ج42/ 306 رقم 8845= ينابيع المودة ج2/ 139= المناقب: للمغازلي 200، 257

(3) تاريخ دمشق ج42/ 305 رقم 8844 (4) المرجع السابق ج42 / 307 رقم 8850

(5) المرجع السابق ج 42/ 309 رقم 8856

…. وفي رواية ابن عباس قال : قال صلى الله عليه وآله الطاهرين :

من سره أن يحيا حياتي ويموت مماتي ويسكن جنة عدن غرسها ربي، فليوال علياً من بعدي وليوالي وليه، وليقتد بالأئمة من بعدي ، فإنهم عترتي ، خلقوا من طينتي ، رزقوا فهمي وعلمي، وويل للمكذبين بفضلهم من أمتي القاطعين فيهم صلتي لا أنالهم الله شفاعتي”(3)

وفي روحية السياق النبوي الشريف يقول الإمام أبو نعيم في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء : ( فالمحققون بموالاة العترة الطيبة هم الذبل الشفاه ، المفترشون الجباة، الأذلاء في نفوسهم القناة ، المفارقون لمؤثري الدنيا من الطغاة ،هم الذين خلعوا الراحات وزهدوا في لذيذ الشهوات وأنواع الأطعمة ..وألوان الأشربة ،فدرجوا على مناهج المرسلين والأولياء من الصديقين ..ورفضوا الزائل الفاني ورغبوا في الزائد الباقي في جوار المنعم المفضال ، ومولى الأيادي والنوال….) : (4(

(3) تاريخ دمشق ج42/ 240 رقم 8751= ينابيع المودة ج2/ 139

(4) المصدر السابق م1 ص 128 حديث رقم ( 268 ) = ينابيع المودة ج2/ 138

وهكذا تواصل النبي المصطفى صلى الله عليه وآله الطاهرين بكشف هذا السر المكنون بروح القدس جبريل عليه السلام .. حيث يتجه النبي المصطفى إلى صاحبه وحارسه الخادم الجليل .. “يا أنس اسكب لي وضوءاً ” فصلى ركعتين ..ثم قال : ” يا أنس : من يدخل عليك من هذا الباب أمير المؤمنين وسيد المسلمين وقائد الغر المحجلين وخاتم الوصيين ” قال أنس : قلت : اللهم اجعله رجلاً من الأنصار، وكتمه..!! فقال من هذا يا أنس ؟ فقلت علي ، فقام مستبشراً فاعتنقه ثم جعل يمسح عرق وجهه بوجهه ، ثم قال علي : يا رسول الله لقد رأيتك صنعت شيئا ما صنعت بي من قبل ؟ قال : ” وما يمنعني وأنت تؤدي عني وتسمعهم صوتي وتبين لهم ما اختلفوا فيه من بعدي “(1)

وأخذ يضرب الرسول المصطفى بيده الطاهرة على ظهر علي عليه السلام مخاطباً : ” يا علي لك سبع خصال لا يحاجك فيهن أحد يوم القيامة : أنت أول المؤمنين بالله إيمانا ، وأوفاهم بعهد الله، وأقومهم بأمر الله ، وأرأفهم بالرعية وأقسمهم بالسوية وأعلمهم بالقضية وأعظمهم عند الله مزية يوم القيامة ” (2(

هؤلاء هم السائرون وراء السيادة وسر النبوة وخلف روح الإمام علي عليه السلام سيد الأمة وسيد المسلمين كما بينه الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله الطاهرين … هذه الروح المتدفقة في الأمة ستبقى خالدة حتى ورودها على الحوض ..فقد روي عن أبي إسحاق عن أبيه عن الشعبي،قـال الإمام علي :قال رسول الله صلى الله عليه وآله الطاهرين - مخاطباً الإمام علي – :

مرحباً بسيد المسلمين وإمام المتقين

فقيل لعلي : فأي شيء من شُكرك ؟ قال : “حمدت الله تعالى على ما آتاني، وسألته الشكر على ما أولاني ، وان يزيدني مما أعطاني “..

(1) حلية الأولياء م 1 ص 103 حديث رقم 192 ( رواه : أبو القاسم بن جندب عن أنس (

(2) حلية الأولياء ج 1 ص 106 حديث رقم 03 ، 204 = كنز العمال ج11/ 925 رقم 32995، 32994

هذا هو سر النبوة .. ” أدع لي علياً” هكذا كان نداء النبوة على الدوام لصحابته الأخيار ليقدمه لهم عنواناً ومساراً وقيادةً لأمة.

فعن الحسن بن علي عليهما السلام ..قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله الطاهرين : ” ادع لي سيد العرب ” يعني علي بن أبى طالب ، فقالت عائشة، ألست سيد العرب ؟ فقال : ” أنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب ” فلما جاء الإمام علي عليه السلام أرسل إلى الأنصار فقال لهم : ” يا معشر الأنصار ألا أدلكم على ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا ” قالوا بلى يا رسول الله، قال : ” هذا عـلي فأحـبوه بـحبي وأكرموه بكرامتي، فــإن جبـريل أمرنـي بـالـذي قلت لكم عن الله عز وجل ” (1(

نعم سيدي جدي علي … عليك السلام وعلى روحك الطاهرة ..نحن المدخرون في آخر الزمان .. في القدس.. وأكناف البركةنحن الذين لم يبدلوا تبديلا .. في قدسنا بركتك.. ونحن سندك الحقيقيون.. نكتشف ذاتنا عند مشهد الدم الحسيني على حجارة القدس وحول القدس.

هذا هو المقام النوراني الذي أسكنه الله جل جلاله في الإمام علي تاج أهل بيت النبوة .. ليسطع نوراً في الأمة عقب رحيل جسد نبيها صلوات الله وسلامه عليه

فعن عمار بن ياسر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله الطاهرين لعلي بن أبي طالب :

” يا علي إن الله قد زينك بزينة لم يتزين العباد بزينة أحب إلى الله منها : الزهد في الدنيا فجعلك لا تنال من الدنيا شيئاً ، ووهب لك حب المساكين فرضوا بك إماماً ، ورضيت بهم إتباعا ، فطوبى لمن أحبك وصدق فيك ، وويل لمن أغضبك وكذب عـليــك، فأما اللذين أبغضوك وكذبوا عليك فحق على الله ان يوقفهم موقف الكذابين يوم القيامة “ (2(

(1) حلية الأولياء ج 1 / ص 102 حديث رقم ( 191 ) = مجمع الزوائد 9 / 178 رقم 14753 ، كنز العمال ج13/ 124 رقم ( 36448 ) = تاريخ بغداد ج11/ ص 90-91 رقم 5776 (2)ابن عساكر : تاريخ دمشق ج 42 / 282

نظر النبي صلى الله عليه وآله الطاهرين إلى علي فقال : ” أنت سيد في الدنيا، سيد في الآخرة، ومن أحبك فقد أحبني، وحبيبي حبيب الله، وعدوك عدوي، وعدوي عدو الله، والويل لمن أغضبك من بعدي ” (7(

(7) تاريخ بغداد : ج4 ص261 رقم 1963.

وعندما أصيبت الزهراء فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صُبيح العرس برعدة ..جاءها رسول الله وخاطبها .. القول : ” يا فاطمة إني زوجتك سيدا في الدنيا وأنه في الآخرة لمن الصالحين ، يا فاطمة إني لمّا أردت أن أملك لعلي أمر الله جبريل فقام في السماء الرابعة فصف الملائكة صفوفاً ثم خطب عليهم جبريل فزوجك من علي، ثم أمر شجر الجنان فحملت الحلي والحلل ، ثم أمرها فنثرته عل الملائكة، فمن أخذ منهم يومئذ أكثر مما أخذ صاحبه أو أحسن افتخر به إلى يوم القيامة، قالت أم سلمة رضـي الله عنها : فلقد كانت فاطمة تفخر على النساء حيث أول من خطب عليـه جبريل “(1(

(1) تاريخ بغداد ج4/ص352 الحديث رقم (2121) = تاريخ دمشق ج42/ 128

وهكذا شكلت السيادية وعلاقة العبودية الخالصة لله تعالى أحد أهم أركان العشق الالهي المكنوز في قلوب العاشقين من بيت النبوة .. وكان أئمة آل البيت عليهم السلام هم من يشكلون السبق والرمزية والسيادة في العشق الالهي ومن يزعم السيادية عنهم فلا يحمل عند الله تعالى إلا زعما وادعاء ونكرانا للنبوة وحالة الاصطفاء بنهج مزعوم وكما قاتل معاوية حين استلب الحكم واستبد بالناس ” ما جئتكم لتصلوا وتصوموا وتحجوا ولكن جئتكم لأتسيد عليكم .. الحب الالهي لعلي بن أبي طالب عليه السلام

قال أمير المؤمنين علي عليه السلام ..

” إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلي وأنا أرمد العين يوم خيبر فقلت يا رسول الله إني أرمد العين قال فتفل في عيني وقال اللهم اذهب عنه الحر والبرد فما وجدت حرا ولا بردا منذ يومئذ وقال لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ليس بفرار فتشرف لها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأعطانيها

ابن حنبل ، الإمام احمد : ( مسند احمد ) الجزء : 1، ص 99 ، الناشر : دار صادر – بيروت – لبنان =مسلم النيسابوري ، صحيح مسلم ، الجزء : 5 ، الوفاة : 261 ، الناشر : دار الفكر – بيروت – لبنان = الترمذي : ( سنن الترمذي ) ج 5، ص 302 ، حديث رقم 3808 ، 3809

وفي رواية أخرى : ” فتطاول القوم فقال أين علي قالوا يشتكي عينيه فدعا به فبزق نبي الله صلى الله عليه وسلم في كفيه ثم مسح بهما عيني علي ودفع إليه الراية ففتح الله عليه يومئذ

النسائي : ( السنن الكبرى ) : الجزء : 5 ، ص 46 ، حديث رقم 8150 ، 8151 ، الطبعة : الأولى ، سنة الطبع : 1411 – 1991 م ، الناشر : دار الكتب العلمية بيروت – لبنان

وقد ثبت في الصحاح وغيرها أن رسول الله صلى الله عليه وآله الطاهرين

قال يوم خيبر : ” لأعطين الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله ليس بفرار يفتح الله على يديه ” فبات الناس يدركون أيهم يعطاها حتى قال عمر :

ما أحببت الإمارة إلا يومئذ ، فلما أصبح أعطاها عليا ففتح الله على يديه ” ورواه جماعة منهم مالك والحسن ويعقوب بن عبد الرحمن ، وجرير بن عبد الرحمن … أخرجاه في الصحيحين ..

…” وقال في حديثه : فدعا به رسول الله صلى الله عليه وآله الطاهرين

(أي عليا ) وهو أرمد فبصق في عينيه فبرأ ” ورواه إياس بن سلمه بن الأكوع ..” قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وآله الطاهرين إلى أبي بكر الصديق برايته الى بعض حصون خيبر فقاتل ثم رجع ، ولم يكن فتح وقد جهد، ثم بعث عمر بن الخطاب ، فقاتل ثم رجع ، ولم يكن فتح فقال رسول الله صلى الله عليه وآله الطاهرين :

لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ” (1(

يفتح الله على يديه ليس بفرار ” (2)

(1) ابن عساكر : تاريخ دمشق ج 42/ 81 رقم (8422) = أحمد في المسند 1/ 99 ، 4 /52 (2) نفسه ص 82 = الاستيعاب ج3/203 = فتح الباري بشرح صحيح البخاري ج7/ 589 حديث رقم 4209 = مسلم في الصحيح : كتاب الجهاد باب45 ص 502 = الترمذي ج5/ 456 حديث رقم 3724 = : إقبال الأعمال : (السيد ابن طاووس ): الجزء : 2 ، ص 369 ، الوفاة : 664 ، تحقيق : جواد القيومي الأصفهاني ، الطبعة : الأولى ، سنة الطبع : ربيع الأول 1415 ، المطبعة : مكتب الإعلام الإسلامي ، الناشر : مكتب الإعلام الإسلامي = العلامة المجلسي : ( بحار الأنوار) : الجزء : 31 ، ص 260 ، الوفاة : 1111 ، المجموعة : مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام ، تحقيق : الشيخ عبد الزهراء العلوي ، سنة الطبع : 1403 – 1983 م ، الناشر : دار الرضا – بيروت – لبنان

والمتبع لقضية الخيار الالهي لعلي عليه السلام في حمل الراية وفتح خيبر أنه ميز عليه السلام بصفوة الصفات الجامعة لحقيقة العبودية لله تعالى وللصفات الجامعة لشرائط العشق الالهي : ” وهي العبودية لله تعالى فكان عليه السلام السابق في العبودية وانه لم يسجد لصنم قط وأنه عليه السلام عبد الله قبل أن يعبده الناس بسبع سنين … وشرائط المحبة الجامعة لله ورسوله ” غدا يأتي رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله فكان علي عليه السلام هو الحائز على شرائط عالم المحبة الجامعة بالنص والنبوءة .. وهي ” محبة الله ورسوله ، والعبودية لله ، وإحراز النصر والفتح على يديه وبين يديه ، وكذلك جامع صفات الولاية الالهية

من كنت مولاه فعلي مولاه“.

وما أعلن فيها من مؤتمر تاريخي روحي جامع وهو ما عرف بيوم الغدير يوم الثورة الروحية والتميز لامام العترة النبوية وخليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووريث علمه ومدينه علمه وحكمته .. والنقطة الأخطر هو ما جاء بيانه معلنا بقوله صلى الله عليه وآله وسلم :

غدا سيأتي رجل يحب الله ورسوله ويحب الله ورسوله يفتح الله على يديه

وتقول الرواية كما هي بين أيدينا ” فتطاول لها القوم

وفي رواية ” قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه

ما رغبت في الامارة إلا في هذا اليوم


وغيرها أن رسول الله صلى الله عليه وآله الطاهرين قال يوم خيبر :

” لأعطين الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله ليس بفرار يفتح الله على يديه ” فبات الناس يدركون أيهم يعطاها حتى قال عمر : ما أحببت الإمارة إلا يومئذ ، فلما أصبح أعطاها عليا ففتح الله على يديه ” ورواه جماعة منهم مالك والحسن ويعقوب بن عبد الرحمن ، وجرير بن عبد الرحمنأخرجاه في الصحيحين ..

وفي رواية عن الحسين بن واقد قال : حدثني عبد الله بن بريدة قال سمعت أبي يقول : حاصرنا خيبر ، فأخذ اللواء أبو بكر فانصرف ولم يفتح له ، ثم أخذه من الغد عمر ، فخرج فرجع ولم يفتح له ، فأصاب الناس يومئذ شدة وجهد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني دافع اللواء غدا إلى رجل يحبه الله ورسوله ، أو يحب الله ورسوله ، لا يرجع حتى يفتح له ، وبتنا طيبة أنفسنا ، أن الفتح غدا ، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ، صلى الغداة ثم قام قائما ، فدعا باللواء ، والناس على مصافهم ، فدعا عليا ، وهو أرمد فتفل في عينيه ، ودفع إليه اللواء قال بريدة : وأنا فيمن تطاول لها (2(

( 2 ) فضائل الصحابة 2 / 953 – 594 ، وانظر المسند 5 / 353 ( وأخرجه أبو بكر بن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن عوف ، كما في المطالب العالية 4 / 57 ) والهيثمي في مجمع الزوائد 9 / 134

قوله صلى الله عليه وآله وسلم : لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله . الحديث . فاستطالت أعناق كل فريق * ليروا أي ماجد يعطاها ؟ فلم تزل النفوس مشرئبة متتلعة إلى من عناه صلى الله عليه وآله حتى جيئ بأمير المؤمنين عليه السلام ومنح الفتح من ساحة النبوة العظمى ، فانطبق القول ، وصدقت الأكرومة ، وعلم الغزاة كلهم أنه صلى الله عليه وآله وسلم ما كان يريد غيره . “

الغدير : الشيخ الأميني ، الجزء : 10 ، ص 258 ، الوفاة : 1392 ، المجموعة : مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام ، الطبعة : الرابعة ، سنة الطبع : 1397 – 1977 م ، الناشر : دار الكتاب العربي – بيروت – لبنان

والملاحظ أن التميز في هذه الشرائط كانت بينه على مساحة التطبيق بين الصحابة الأبرار فكان علي عليه السلام هو صاحبها حيث لم يفتح الله تعالى على يد أبي بكر الصديق رضي الله عنه ولا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وذهب غيرهم ولم يوفقوا وهذا كان بمثابة استفتاء الهي لمحددات سلم الولاية والعبودية والعشق الالهي المخصوص لسيد العترة المحمدية ومنجب ثورة أبو الأحرار الحسين بن عليه السلام .. وفي جملة الروايات وقراءتها البيان وكل هذا الموضوع المتميز ذكرناه تفصيلا في كتابنا الهام ” أهل البيت الولاية ، التحدي ، المواجهة ” ومنها : …” وقال في حديثه : فدعا به رسول الله صلى الله عليه وآله الطاهرين

(أي عليا ) وهو أرمد فبصق في عينيه فبرأ ” ورواه إياس بن سلمة بن الأكوع ..” قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وآله الطاهرين إلى أبي بكر الصديق برايته الى بعض حصون خيبر فقاتل ثم رجع ، ولم يكن فتح وقد جهد، ثم بعث عمر بن الخطاب ، فقاتل ثم رجع ، ولم يكن فتح فقال رسول الله صلى الله عليه وآله الطاهرين :

لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ” (1(

يفتح الله على يديه ليس بفرار ” (2(

(1) ابن عساكر : تاريخ دمشق ج 42/ 81 رقم (8422) = أحمد في المسند 1/ 99 ، 4 /52 (2) نفسه ص 82 = الاستيعاب ج3/203 = فتح الباري بشرح صحيح البخاري ج7/ 589 حديث رقم 4209 = مسلم في الصحيح : كتاب الجهاد باب45 ص 502 = الترمذي ج5/ 456 حديث رقم 3724

وهكذا نرى أن الرواية والحدث المهيب يؤكد مسألة سماوية وهي أنه ليس بوسع أي مسلم أو صحابي إن يصل درجة الحب والعشق الالهي … وبصريح قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ” يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله ” الاستحواذ العلني على درجة الحب الالهي الذي يتبعه ويتزامن معه قيادة الانتصار الكبير والتاريخي في خيبر ..

وأكاد أفصل في القول ان حتميات هذه الشرائط الالهية لا يمكن بالقطع توفرها إلا في نسل على عليه السلام وزوجته فاطمة الزهراء وهي نسل المباركة كما ذكرت نصا في التوراة

وأن هذا الحب الالهي لا بد له من مؤتمر وعرس الهي أرضي تعرف فيه الأمة المسلمة أولياء الله ورسوله لتتحدد قيمتهم القيادية في الأمة وهذا تماما ما حصل مع الأمير علي عليه السلام يوم خيبر ويوم غدير خم حيث المؤتمر التاريخي الفاصل لتحديد مستقبل وراثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ..

ومن يحوز على درجة الحب الالهي السماوي ومن داخلية القلب المحمدي يجد بعدها نوال درجة العشق الالهي وهي درجة السمو الخاتم في النفس الانسانية حيث تنتقل الى عالم الملكوت في كلية تصريفاتها

لقد بيّن النبي عليه الصلاة والسلام مكانة علي رضي الله عنه أحسن بيان وذكّر الأمة بجلالة قدره وعظم منزلته في الأحاديث الصحيحة الثابتة، ومنها:
١-ما ثبت في صحيح البخاري من قوله عليه الصلاة والسلام في غزوة خيبر: ” لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ويفتح الله على يديه” فتمنى كل واحد من الصحابة الكرام أن يكون ذلك الرجل، فدعا النبي عليه الصلاة والسلام من الغد علي بن أبي طالب وأعطاه الراية وقال:

أنفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، فو الله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم” الحديث.
٢-واستخلفه النبي عليه الصلاة والسلام على المدينة في غزوة تبوك، فشعر علي رضي الله عنه بالحزن لعدم تمكينه من مصاحبته في الغزوة لأنه لم يتخلف عن أي مشهد شهدها الرسول صلى الله عليه وسلم أو غزوة غزاها،

فقال له صلى الله عليه وسلم: “ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي”. متفق عليه.
٣-وقال صلى الله عليه وسلم عن علي أيضاً –فيما رواه أحمد والترمذي والنسائي-: “من كنت مولاه فعلي مولاه“.
٤-كما قال أيضاً فيما رواه الإمام البخاري: “أنت مني وأنا منك” يعني في النسب والصهر والسابقة في الإسلام والمحبة الإيمانية العميقة فيما بينهما.
٥-وقال عنه أيضاً: “

لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق”. رواه الإمام مسلم.

ولهذا نؤكد أن نوال درجة العشق الالهي إلا باستكمال الايمان وهو الصريح في :

قوله صلى الله عليه وآله وسلم :

وحب الله ورسوله وأهل البيت المطهرين هو تاج المحبة الالهية والثوابت العقائدية

ان رسول الله رسول الله صلى الله عليه وآله قال من أعطى لله ومنع لله وأحب لله وأبغض لله وأنكح لله فقد استكمل الايمان * هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه *

المستدرك : الحاكم النيسابوري ) ، الجزء : 2 ، ص 164 ، الوفاة : 405ـ قسم الفقه ، تحقيق : إشراف : يوسف عبد الرحمن المرعشلي

قال ابن بطال رحمه الله ومعنى الحديث أن من استكمل الايمان علم أن حق النبي صلى الله عليه وسلم آكد عليه من حق أبيه وابنه والناس أجمعين لان به صلى الله عليه وسلم استنقذنا من النار وهدينا من الضلال قال القاضي عياض رحمه الله ومن محبته صلى الله عليه وسلم نصرة سنته والذب عن شريعته وتمنى حضور حياته فيبذل ماله ونفسه دونه

النووي : ( شرح مسلم) : الجزء : 2 ، ص 16 ، الوفاة : 676 ، المجموعة : مصادر الحديث السنية ـ قسم الفقه ، سنة الطبع : 1407 – 1987 م ، الناشر : دار الكتاب العربي – بيروت – لبنان

وهنا مقام التحديد لنوال درجات المحبة الالهية ونوال العشق الالهي لا يتم إلا بإعلاء المحبة والبغض من أجل الله ورسوله ولكن هذه الأحاديث المنقولة لم تشير أن هذا الحب الالهي مرهون بحب أهل بيت النبوة وهو أمر قرآني جلي وجليل وفي ضوءه يتم الختم الالهي على قبول المحبة .. والأمر الآخر ان يضع المحب درجة حب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وحب أهل البيت المطهرين بمقام الكمال فوق الذات وفوق كمل رغبه فهم أمان الأمة .. وقال صلى الله عليه وآله وسلمأهل بيتي أمان لأمتي “ و… ” قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

أهل بيتي أمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء .

أيضا أخرج الحاكم عن قتادة عن عطاء عن ابن عباس .

أخرج الحاكم : عن جابر بن عبد الله وأبي موسى الأشعري وابن عباس ( رضي الله عنهم ) قالوا : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء وإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض . ”

” [ 5 ] المستدرك للحاكم 2 / 448 و 3 / 149 ، 457 ( باختلاف لفظي ) .| [ 7 ] الصواعق المحرقة : 185 و 233 . مناقب الامام أمير المؤمنين عليه السلام للقاضي الكوفي 2 / 142 حديث 623 . وفيه مضان حديث ” أهل بيتي أمان لأمتي . . “

وفي نوادر الأصول : عن سلمة بن الأكوع قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

" النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأمتي . “

[ 7 ] وفي الصواعق :

النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأمتي .

) أخرجه جماعة ) .

القندوزي : ( ينابيع المودة لذوي القربى ) الجزء : 1 ، ص 72 ، الوفاة : 1294 ، المجموعة : مصادر سيرة النبي والأئمة ، تحقيق : سيد علي جمال أشرف الحسيني ، الطبعة : الأولى ، سنة الطبع : 1416 ، المطبعة : أسوه ، الناشر : دار الأسوة للطباعة والنشر

.. وعن سلمة بن الأكوع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال النجوم جعلت أمانا لأهل السماء وأن أهل بيتي أمان لأمتي . رواه الطبراني وفيه موسى بن عبيدة الربذي وهو متروك . وعن ابن عباس ( سلام على إلياسين ( 1 )

قال نحن آل محمد صلى الله عليه وسلم .

رواه الطبراني وفيه موسى بن عمير القرشي وهو كذاب . وعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خيركم خيركم لأهلي من بعدي ، قال أبو خيثمة الناس يقولون لأهله وقال هذا لأهلي . رواه أبو يعلى ورجاله ثقات ( 2 ( .

الهيثمي : ( مجمع الزوائد ) ، الجزء : 9 ، ص 174 ، الوفاة : 807 ، سنة الطبع : 1408 – 1988 م ، الناشر : دار الكتب العلمية – بيروت – لبنان

.. روى أبو عبد الله محمد بن مسلم ابن أبي الفوارس الرازي من أهل السنة في صدر فضائل أمير المؤمنين عليه السلام من أربعينه أنه

قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم :

إني تارك فيكم كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فهما خليفتان بعدي ، أحدهما أكبر من الآخر ، سبب موصول من السماء إلى الأرض ، فان استمسكتم بهما لن تضلوا ، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض يوم القيامة ، فلا تسبقوا أهل بيتي بالقول فتهلكوا ، ولا تقصروا عنهم فتذهبوا ، فان مثلهم فيكم كمثل سفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها هلك ، ومثلهم فيكم كمثل باب حطة في بني إسرائيل ، من دخله غفر له . ألا وان أهل بيتي أمان أمتي فإذا ذهب أهل بيتي جاء أمتي ما يوعدون . إلا وان الله عصمهم من الضلالة ، وطهرهم من الفواحش ، واصطفاهم على العالمين . ألا وان الله أوجب محبتهم ، وأمر بمودتهم . ألا وإنهم الشهداء على العباد في الدنيا ويوم المعاد . ألا وإنهم أهل الولاية الدالون على طرق الهداية . ألا وان الله فرض لهم الطاعة ، على الفرق والجماعة ، فمن تمسك بهم سلك ، ومن حاد عنهم هلك . ألا وان العترة الهادية الطيبين دعاة الدين ، وأئمة المتقين ، وسادة المسلمين ، وقادة المؤمنين ، وأمناء رب العالمين على البرية أجمعين ، الذين فرقوا بين الشك واليقين ، وجاءوا بالحق المبين

الشيخ المحمودي : ( نهج السعادة ) ، الجزء : 8 ، ص 348 ، الوفاة : معاصر ، المجموعة : مصادر الحديث الشيعية ـ القسم العام ، الطبعة : الأولى ، سنة الطبع : 1385 – 1965 م ، المطبعة : مطبعة النعمان – النجف الأشرف ، الناشر : مؤسسة التضامن الفكريبيروت

موسى بن عبد ربه : سمعت الحسين بن علي ( عليهما السلام ) يقول في مسجد النبي ( صلى الله عليه وآله ) – وذلك في حياة أبيه علي ( عليه السلام ) – : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : ألا إن أهل بيتي أمان لكم ، فأحبوهم لحبي ، وتمسكوا بهم لن تضلوا . قيل : فمن أهل بيتك يا نبي الله ؟ قال : علي وسبطاي ، وتسعة من ولد الحسين أئمة أمناء معصومون ، ألا إنهم أهل بيتي وعترتي من لحمي ودمي ( 1 ) .

53 – الإمام الصادق ( عليه السلام ) – عن آبائه ( عليهم السلام :

قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله (

" إني مخلف فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض كهاتينوضم بين سبابتيه – . فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاري وقال : يا رسول الله ، من عترتك ؟ قال : علي والحسن والحسين والأئمة من ولد الحسين إلى يوم القيامة ( 2 ) .

الريشهري ، محمد : ( أهل البيت في الكتاب والسنة ) : ، ص 57 ،الوفاة : معاصر ، المجموعة : مصادر سيرة النبي والأئمة ، تحقيق : دار الحديث ، الطبعة : الثانية ، مع التصحيح والإضافات ، سنة الطبع : 1375 ش ، المطبعة : دار الحديث ، الناشر : دار الحديث

قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) :

” فهؤلاء بنو إسرائيل نصب لهم باب حطة ، وأنتم يا معشر أمة محمد نصب لكم باب حطة أهل بيت محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، وأمرتم باتباع هداهم ولزوم طريقتهم ، ليغفر لكم بذلك خطاياكم وذنوبكم ، وليزداد المحسنون منكم ، وباب حطتكم أفضل من باب حطتهم ، لأن ذلك كان باب خشب ، ونحن الناطقون الصادقون المرتضون الهادون الفاضلون ، كما قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ” إن النجوم في السماء أمان من الغرق ، وإن أهل بيتي أمان لأمتي من الضلالة في أديانهم ، لا يهلكون ما دام منهم من يتبعون هديه ( 1 ) وسنته ” .

* التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري ( عليه السلام (ص 546 الرقم 326 ، بحار الأنوار ج 23 ص 122 الرقم 47 . محمديان ، محمد : ( حياة أمير المؤمنين عليه السلام عن لسانه) الجزء : 2 ، ص 359 ، الوفاة : معاصر ، المجموعة : مصادر سيرة النبي والأئمة ، الطبعة : الأولى ، سنة الطبع : 1419 ، المطبعة : مؤسسة النشر الإسلامي ، الناشر : مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة

.. وهكذا نرى في جموع الراويات الاستدلالية عند المسلمين باختلافهم طيف واحد هادر لتأكيد ثبوت الولاية الالهية في مسألة الحب الالهي والمحبة النورانية سبيلا متدفقا نحو بحور العشق الالهية .. وهي مساحة عشق عليهم صلوات الله وسلامه .. وفي زخم هذا البحر الزاخر .. ألهمنا من ربنا المتعالي لقراءة أتصول العشق الالهي وعلاقتها بمسألة ثبوت الايمان والسداد والخطو نحو كماله ليكون تمامه وقبول ومن ثم تفاعلاته بحركة الروح وكل هذا لا يمكن صعوده سوى بختم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهذا هو حقيقة الصراع في النفس بين خطي الشهادة العلية للمختارين وخطوات الشيطان الرجيم وكل هذا لا يكون إلا على مساحة القلب .. وهو المضغة التي اكتنز الله تعالى فيها نوره وتميز حقيقته الثاقبة وليس من قلب بالمطلق لا يدرك الحقيقة الالهية إلا عبد غاص في خيانة الله ورسوله وخداع ذاته على بينه من الحقيقة الساطعة .. ولهذا كانت مصفاة العشق الالهية لا يمكن بالقطع الحوز على تمامها وشرائطها سوى بختم النبي الأقدس محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهو الأمر البين في القرآن الكريم في قوله تعالى :

{ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ

غَفُورٌ رَّحِيمٌ }آل عمران31

عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

أحبوا الله لما يغذوكم من نعمه ، وأحبوني بحب الله ، وأحبوا أهل بيتي بحبيهذا حديث حسين غريب إنما نعرفه من هذا الوجه .

الترمذي : ( سنن الترمذي ) ، الجزء : 5 ، ص 329 ، الوفاة : 279 ، المجموعة : مصادر الحديث السنية ـ قسم الفقه ، تحقيق : تحقيق وتصحيح : عبد الرحمن محمد عثمان ، الطبعة : الثانية ، سنة الطبع : 1403 – 1983 م ، الناشر : دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع – بيروت – لبنان= المستدرك ، الحاكم النيسابوري ، الجزء : 3 ، ص 150 ، الوفاة : 405 ، المجموعة : مصادر الحديث السنية ـ قسم الفقه= كنز العمال : ج 12 ، ص 96 ، حديث رقم 34150 ، تحقيق : إشراف : يوسف عبد الرحمن المرعشلي

وهكذا يتقابل مصطلح الحب الالهي في ثنايا نور المصطلح ذاته في قلب القرآن وكذلك في مصطلح الحب الالهي في الحديث النبوي ومفرداته ومصطلحاته أيضا .. وفي هذا التقابل نرى أن أنوار أهل البيت وهم العترة المكرمين هي التي تسطع في صفحات القرآن وبشهادة العاشق الأزلي الأول .. محمد صلى الله عليه وآله وسلم أن أهل البيت والعترة المطهرون لا يفارقون القرآن حتى ختم الدنيا والوقوف على الحوض ..

عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال :

” رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب فسمعته يقول : يا أيها الناس إني تركت فيكم من [ ما ] إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي ” . وفي الباب عن أبي ذر وأبى سعيد وزيد بن أرقم وحذيفة بن أسيد . هذا حديث غريب حسن من هذا الوجه . وزيد بن الحسن قد روى عنه سعيد بن سليمان وغير واحد من أهل العلم

نفس المصدر السابق : الترمذي : ( سنن الترمذي ) ، الجزء : 5 ، ص 328 ، حديث رقم 3874

حدثنا قتيبة بن سعيد أخبرنا محمد بن سليمان بن الأصبهاني عن يحيى بن عبيد عن عطاء عن عمر بن أبي سلمة ربيب النبي صلى الله عليه وسلم قال نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وسلم ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) في بيت أم سلمة ، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة وحسنا وحسينا فجللهم بكساء وعلى خلف ظهره فجلله بكساء ثم قال : اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا . قالت أم سلمة وأنا معهم يا رسول الله ؟ قال أنت على مكانك وأنت إلى خير

نفس المصدر السابق : الترمذي : ( سنن الترمذي ) ، الجزء : 5 ، ص 328 ،

حديث رقم 3875

عن أبي الطفيل ، عن زيد بن أرقم قال : النسائي لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع ونزل غدير خم أمر بدوحات فقممن ثم قال : كأني دعيت فأجبت وإني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض . ثم قال إن الله مولاي وأنا ولي كل مؤمن . ثم إنه أخذ بيد علي رضي الله عنه فقال : من كنت وليه فهذا وليه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه . فقلت لزيد : سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : وإنه ما كان في الدوحات أحد إلا رآه بعينه وسمعه بأذنيه ( 2 ( ”

النسائي : ( خصائص أمير المؤمنين عليه السلام ) ، ص 93 ، الوفاة : 303المجموعة : مصادر الحديث السنية ـ القسم العام ، تحقيق : تحقيق وتصحيح الأسانيد ووضع الفهارس : محمد هادي الأميني ، الناشر : مكتبة نينوى الحديثة – طهران= ألقمي ، علي بن إبراهيم : ( تفسير القمي ) : الجزء : 1 ، ص 172 ، الوفاة : ن329 ، المجموعة : مصادر التفسير عند الشيعة ، تحقيق : تصحيح وتعليق وتقديم : السيد طيب الموسوي الجزائري ، الطبعة : الثالثة ، سنة الطبع : صفر 1404 ، الناشر : مؤسسة دار الكتاب للطباعة والنشر – قم – إيران

.. وهنا في ختم هذه القراءة واللطيفة الموجزة في علم المصطلح ندرك أي وعي نحمل وأي ثورة إلهية تقودنا نحو القمة .. وأي سفينة نهر جاري يمتد إلينا لنحمله خدما وطاعة لله المتعالي وإحقاقا لخيار النبوة المحمدية وقداستها الالهية ..نؤكد في جنباتها وعلى ضفاف العشق الالهي أي مسك أزفر يهيمن على فلسفتنا وتحليلنا لكل ماهيات ثوررتنا العتيدة … عشق متجدد .. لا يخفت صوته .. ولا تبهت صورته .. عشقنا لالهنا الحي القيوم ساطع في أنوارنا منذ خلقنا من طينة العرش القدسية .. من بعث حرارة نور محمد اكتوينا في قلوبنا بسحر حب إلهنا القدوس .. يؤكد بصمة روحنا من قلب روح الله المتعالي وروح نبينا لنجيب بالطاعة والسلم والصلوات .. فيوم صلت الأنوار المحمدية الخمسة المقدسين تحت العرش نادينا بثورة النور والحرية وثورة الخلود الأبدية فآنست وحشتا في هذه الأرض تسبيحات ملائكة الرحمن العلية .. لنجيب بصفحة من فلسفتنا المجيد ..

وبين قرائتنا المسكونة بروح الله تعالى الله نسأل لها القبول والموفقية .. وشكرا لكم على حسن مسامعكم وبوركتم وخطاكم مسددين نحو الحق الالهي والعشق الالهي .. وبتواضع فإن مقالتنا لم تفي بكلية الاجابة والتي تحتاج لموسوعة …..

ماذا يعني مصطلح الأمير على فلسفة عشق الزهراء المحمدية

انتهت المقالة والتفصيل آت وشيك لا محالة ..

بقلمي

المفكر الاسلامي التجديدي

محمد حسني البيومي الهاشمي

) محمد نور الدين (

فلسطين المقدسة



نشرت على موقعنا السيدة الزهراء مدرسة العشق الالهي

http://hobelahy.wordpress.com/2010/08/133





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق